كلام الاطفال

يختلف تكون النطق والكلام لدى الأطفال من طفل إلى آخر، وهذا يعود لعدة أسباب منها: السمات النفسية والفيزيولوجية وظروف التربية، ونوعية وتأثير كلام الأهل على الطفل، والجهد الإرادي لدى الطفل، وغيرها.
بعض الأطفال يبدؤون الكلام في وقت مبكر، وبعضهم يتأخر قليلاً، والبعض الآخر يتأخر كثيراً، فيثير قلق الوالدين، ولكن نقول منذ البداية: يجب أن لا تثير هذه الحالة القلق الشديد لدى الأهل، لأن هذا النوع من الأطفال عادة ما يفاجئ الأهل بتعويض فترة الصمت ويبدأ بالكلام ويتحول إلى "حكّاء" لا يكلّ ولا يتعب.
إن عملية تكوين الكلام لدى الأطفال تجري بصورة مختلفة، وعلى الأهل تقع مسؤولية تنظيم هذه العملية، لأن تأثير الأهل على عملية امتلاك الأطفال لناصية الكلام والنطق الصحيح كبيرة جداً، ولكن عليهم أن لا يستعجلوا أولاً، ولا يقلقوا ثانياً. نقول هذا لأن الأهل غالباً ما يقعون في عدة أخطاء، وذلك ناتج من شدة محبتهم لأولادهم، ومن رغتبهم الشديدة في أن يروهم يتكلمون بسرعة من غير أن يعرفوا أن تصرفهم هذا خطأ قد يسبب الإحراج والتعب، بل والأخطاء في كلام أطفالهم. فالأهل يريدون أن ينطق ويتكلم أطفالهم أسرع ما يمكن، لذلك نراهم يمطرون طفلهم فور وصوله من روضة الأطفال أو من زيارة ما، بمجموعة أسئلة ولا يتركون له الوقت الكافي للإجابة عنها. مثل: ماذا عملت في الروضة؟ ماذا أكلت؟ هل تعلمت شيئاً جديداً؟ إلخ. في هذه الحالة فإن الطفل يصمت، أو يبدأ بالخلط في الكلام، وتظهر عليه علامات التعب. ولكن بعد أن يرتاح الطفل وعندما يشعر هو بأنه يريد التكلم، عما حدث أو عمل في روضة الأطفال أو الزيارة التي قام بها، يبدأ يتكلم بشكل طبيعي. وهنا ومن أجل مساعدة الطفل ينصح الأهل بطرح الأسئلة بهدوء ودون استعجال الإجابة، بل وحتى تأجيل الأسئلة إلى وقت آخر، حين يكون الطفل قد ارتاح وظهرت لديه الرغبة في الكلام. وقد أظهرت المشاهدات والتجارب أن الحث على الكلام دون مراعاة الخصائص الفردية للطفل كثيراً ما يكون سبباً للارتباك والتلعثم في النطق. والخطأ الثاني عندما لا يكتفي الأهل بما وصل إليه أطفالهم من النطق الصحيح والكلام الجيد السليم، بل يرون أن هذا قليل ويبدؤون بتحميل أولادهم أكثر من طاقتهم ويجبرونهم على حفظ الأناشيد والأغاني عن ظهر قلب. بل أكثر من ذلك يطلبون منهم أن يقولوا هذه الأناشيد والأغاني أمام الضيوف والأصدقاء، مما يجعل الأطفال يتلعثمون أمامهم. مع العلم أنهم يقولون الأناشيد والأغاني بسهولة أمام الأهل والأتراب. فالطفل لا يجيب الغرباء عن الأسئلة العادية التي تكون بالنسبة له شيئاً سهلاً، فكيف إذاًً يقوم بإنشاد الأناشيد التي أجبر على حفظها؟ والخطأ الآخر عندما يردد الأهل الكلمات التي يلفظها بشكل خاطئ، مثلاً عندما يقول الطفل "آحه، أو إباحه" بدلاً من تفاحة، نرى أن بعض الأهل يرددون هذه الكلمة، فبدلاً من أن يسألوا الطفل بشكل صحيح هل تريد تفاحة؟ يقولون له هل تريد "إباحه"؟ وهذا خطأ لأن الطفل يعتقد أن لفظه وكلامه صحيح مادام الكبار يرددونه، والأخطر من ذلك عندما تروي الأم لضيوفها أو معارفها وأمام طفلها كيف يلفظ ابنها الكلمات أو يسمي الأشياء بشكل مقلوب.. إن تكرار الأهل لما يقوله ابنهم بشكل خاطئ يجعله يستمر في الخطأ، لذلك عليهم تصحيح الخطأ وليس تأكيده. كل هذا يتطلب منا معرفة مستوى تطور كلام الطفل وخصائص طبعه، وأن لا نطلب منه شيئاً أكثر من طاقته، لكي لا يقع في مشكلة يصبح حلها صعباً. وأن نقوم بلباقة ودون ضغط على الطفل بتصحيح الأخطاء في لفظ الكلام، وأن نشجعه على اللفظ الصحيح بهدوء ومحبة ليكون له حافزاً منشطاً لنطق سليم، كما يتوجب علينا أن نراعي الدقة في التلفظ عند التكلم مع أطفالنا، لأنه في هذه السن يكون التغلب على الأخطاء وتنظيم تطور الكلام أسهل. ولا ننسى أبداً أن الطفل يتأثر ويستفيد كثيراً عندما يختلط مع مجموعة من الأطفال، فهو يتأثر ويؤثر بمن يشاركهم اللعب في المنزل أو الشارع أو في مقعد روضة الأطفال، فالأطفال يروون لبعضهم الحكايات وينقلون لبعضهم ما يشاهدونه في التلفاز. إنهم يتبادلون الأحاديث ويتبادلون التأثير، وهكذا يتطور الكلام وتزداد قدرة الطفل على التخيل. ولا ننسَ كذلك أهمية قراءة القصص بلغة سليمة وبنطق سليم، وتوجيه الأسئلة للأطفال عمّا يشاهدونه من صور توضح موضوع القصة، أو أن نطلب من الطفل أن يقول لنا ما فهم من القصة، ونشجعه على السرد والحديث بشكل صحيح وسليم، وبهذا نطور استخدام مفردات جديدة وننشط مجال التخيل ودقة الملاحظة عند الطفل.

ليست هناك تعليقات: